الابنة النشيطة

   ميّ ابنة مجتهدة في المدرسة فهي لا تعرف للكسل معنى؛ فإذا ما أتمّت واجباتها المدرسيّة، من فروض تقوم بها ومتائل تتعلّمها، هبّت إلى مساعدة أمّها في الأعمال المنزليّة فتعمل ما تأمرها به طائعة راضية.

   وفي أيام العطل، تستيقظ مبكرةً مع أمّها فتكنّس أرض الغرف وتمسحها بالماء لتصير لمّاعة، وتنزع الغبار عن النوافذ بممسحة مبلّلة، وترتّب فرش الأسرّة واللحف والأغطية وتنشر بعضها في الشمس لإزالة الرطوبة وقتل الجراثيم منها. وإذا ما انتهت من هذا العمل، لبست ثيابها الجميلة وجلست في الجنينة تطالع كتابًا مفيدًا.

   وأحيانًا يأتيهم بعض الزائرين والزائرات، فتستقبلهم أحسن استقبال، بوجه بشوش، وتُدخلهم دار الاستقبال وتبقى في مُجالستهم حتّى تجيء أمّها فتعود إلى مطالعتها.

   وقبيل الظهر تقف بجانب الطاهية تتعلّم أصول الطبخ. وبعد تناول الطعام تلبس مريولها الأبيض وتجلو الملاعق والصحون والكؤوس والقدور وتضعها على المصحنة، كلّ شيء في مكانه بإتقان وترتيب، وهي تجد لذّة في الشغل البيتيّ، وتفتخر بين صاحباتها بمهارتها؛ وهنّ يُحببْنها لاجتهادها ونشاطها وتواضعها، ولقد قالت لهنّ مرارًا: إنّها لا تجد عيبًا ولا عارًا في هذه الأعمال، بل بالضدّ إنّها تزيّن من يقوم بها ويتمّمها بطيب خاطر.

   وهذه الابنة التي لا تجاوز الثانية عشرة من سنيها، تحبّها أمّها حبًّا جمًّا، ويجلب لها أبوها كثيرًا من الهدايا مكافأة لها على نشاطها وحبّها للعمل النافع.

                                             يوسف س. نويهض